X

تابعونا على فيسبوك

وجهات نظر عبر العالم... التوافق المغربي - النيجيري مكسب لكل إفريقيا.. وقمة سنغافورة تخمد ثورة البركان

الأربعاء 20 يونيو 2018 - 16:21

بقلم: فهد صديق

 بعد أن كانت إلى أمد قريب أحد دعائم جبهة "البوليساريو" الإنفصالية وصنيعتها الجزائر، تمكن المغرب بفضل الدبلوماسية الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، من استمالة أحد القوى الكبرى على الصعيد الإفريقي ويتعلق الأمر بجمهورية نيجيريا، وذلك عبر إعطاء بعد ملموس للشراكة جنوب-جنوب مع هذه الدولة الغنية بالنفط والغاز، وفتح آفاق جديدة معها..

فما سر زيارة الرئيس النيجيري المفاجئة؟ وهل حقق المغرب أهدافه من هذه الزيارة؟ وما موقف خصوم الوحدة الترابية منها؟ أسئلة وأخرى حاولت "ولو.بريس" الإجابة عنها من خلال هذا المقال.

الزيارة النيجيرية للمملكة تستنفر الخصوم

  عقب الزيارات التاريخية التي قام بها الملك محمد السادس، لبلدان إفريقيا الأنغلوسكسونية (الناطقة بالإنجليزية) ومنها نيجيريا عام 2016، والتي شكلت نقطة تحول في جوهر السياسية المغربية بالقارة السمراء، نظرا لما حققته من حصيلة ضخمة من المشاريع الإقتصادية خاصة مشروع أنبوب الغاز، وكذا الإنجازات السياسية ذات الدلالات الكبيرة، لا سيما أن أبوجا تعد من بين البلدان الإفريقية القليلة التي لا كانت تزال تعترف بالكيان الوهمي ل"البوليساريو". جاءت زيارة محمد بخاري، التي تعتبر الأولى لرئيس نيجيري إلى المغرب، وذلك بدعوة من جلالة الملك، حيث ترأس قائدا البلدين مراسيم التوقيع على ثلاث اتفاقيات للتعاون الثنائي، واحدة منها مرتبطة بالمشروع الإستراتيجي لأنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب عبر دول إفريقيا الغربية بطول يمتد إلى 5660 كيلومترا، والذي سيتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجيات المتزايدة لبلدان القارة التي سيعبر منها خلال ال25 سنة القادمة، بحيث سيمنح إفريقيا بعدا اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا جديدا.

وفي هذا الإطار، أشار الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالشؤون الإفريقية محسن جزولي، إلى أن زيارة العمل والصداقة الرسمية التي أجراها الرئيس النيجيري للمغرب، والتي تندرج في إطار رؤية الملك محمد السادس الخاصة بإفريقيا، شكلت مناسبة لتوقيع ثلاث اتفاقيات مرتبطة بأنبوب الغاز المغرب نيجيريا، وبالتكوين المهني في المجال الفلاحي وبإحداث منصة صناعية بنيجيريا لإنتاج الأمونياك ومشتقاته. موضحا أن مشروع أنبوب الغاز ذو المسار المختلط (البحري والساحلي)، سيعود بالنفع على ساكنة غرب إفريقيا والمغرب وموريتانيا.

وبحسب المحلل السياسي محمد بودن، ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية المؤسساتية، فإن زيارة الرئيس النيجيري للمغرب ستعزز مسيرة تطور العلاقات المغربية -النيجيرية. مبرزا أنها تمثل تأكيدا على تطور العلاقات الثنائية بفضل حرص الملك محمد السادس، والرئيس النيجيري محمدو بخاري، على بناء منظومة علاقة إيجابية وتكاملية تساعد بمكوناتها الإقتصادية والدينية والأمنية والسياسية على ضمان المصالح الوطنية للجانبين.

وأضاف بودن أنه ثمة دلائل عدة على تراجع رواسب الماضي في العلاقات بين المغرب ونيجيريا، ولذلك فهي تمثل قوة دفع للثقة بين القوتين  في القارة الإفريقية. مشيرا إلى أن في هذه الزيارة ثمة ما يقلق الجزائر، من جهة تأثير تطور العلاقات المغربية - النيجيرية على الموقف النيجيري من قضية الصحراء المغربية، ومن جهة أخرى فالجزائر محرجة بسبب عدم وفائها بالتزاماتها تجاه نيجيريا بعد فشلها في تعبئة الموارد لإقامة خط أنبوب الغاز المسمى نيغال بين نيجيريا والجزائر مرورا بالنيجر مع العلم ان الاتفاقية تم توقيعها سنة 2002.

أما الباحث في معهد الدراسات الإفريقية الدكتور الموساوي العجلاوي، فأكد أن اختيار نيجيريا كنقطة بداية لأنابيب الغاز لم يكن اعتباطيا، لافتا إلى أن نيجيريا تعد القوة الإقتصادية رقم 1 فيما يخص الناتج الداخلي الخام ب405 مليارات دولار أمريكي فيما لا يتعدى ناتج المغرب 105 مليارات دولار.

واعتبر العجلاوي أن المزايا السياسية لهذا المشروع العملاق لا تتوقف فقط عند المغرب ونيجيريا بل تمتد للمنطقة بأكملها، فكلما ارتفع منسوب الإستقرار بهذه الدول تدفقت الإستثمارات صوب هذه الدول الفقيرة، مردفا أن من شأن مد أنابيب الغاز العمل على تحسين اقتصادات هذه الدول ودر أباح كبيرة، وكذا قلب الموازين بالمنطقة برمتها.

وأوضح المحلل السياسي أن الجزائر ستتضرر نسبيا بسبب المنافسة ما سيجعلها مضطرة لتخفيض أثمنتها، في وقت ستكون الدول الأوروبية أكبر المستفيدين ممن يبحثون عن مصدرين آخرين لحاجياتهم المتزايدة من الغاز الطبيعي.

من جهة ثانية، أثار الإتفاق المغربي - النيجيري لإقامة أنبوب لنقل الغاز إلى دول أوروبا عبر دول غرب إفريقيا، غضبا جزائريا عبرت عنه الصحف المقربة من المؤسسة العسكرية، كما أدى ذلك إلى عقد لقاء طارئ بين نائب الرئيس النيجيري والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي ظلت بلاده تماطل في إنجاز المشروع  لمدة 16 سنة خوفا من منافسة الغاز النيجيري في بعض الأسواق.

وقالت إحدى الصحف الجزائرية، عن ملف خط الغاز الضخم المغربي - النيجيري، إنه تحول إلى "لغز اقتصادي" بسبب موقف أبوجا غير الواضح من الملف، ففي الوقت الذي أبرمت فيه اتفاقيات عدة مع الجزائر سابقا في انتظار انطلاق الأشغال، يجري مسؤولون نيجيريون اجتماعات في الرباط حول نفس المشروع.

وسجلت أن زيارة قام بها نائب الرئيس النيجيري إلى الجزائر، قد تم خلالها بحث المشروع الجزائري - النيجيري حول الغاز المتوقف منذ 2002. ونسبت إلى المسؤول النيجيري تمسك بلاده بالمشروع المسمى خط أنابيب الغاز العابر للصحراء والذي يربط البلدين.

من جانبه، لم يتأخر التحرك الروسي بعدما حل بالرباط الأمين العام للمجلس الوطني الروسي نيكولاي باتروشيف، بهدف عقد لقاءات خاصة مع بعض المسؤولين المغاربة، وإن كان ظاهر الزيارة يروم تعزيز التنسيق الأمني والإستخباراتي بين البلدين، في مواجهة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة؛ فإن الأسباب الخفية لهذه الزيارة مرتبطة بالدرجة الأولى بمشروع أنبوب الغاز المنتظر أن يربط نيجيريا بالمغرب، ليصل إلى دول أوروبا الغربية عبر ميناء طنجة المتوسطي.

وبشأن التحركات الجزائرية - الروسية، يرى المتتبعون أن هذا الورش الإقتصادي الضخم يعيد النقاش حول الحسابات الجيواستراتيجية في المعاملات الإقتصادية، خاصة المرتبطة بإنتاج ونقل الغاز الطبيعي إلى نقطة الصفر، بالنظر إلى إمكانية فقدان كل من روسيا والجزائر، لأوراق ضغط مهمة، كتلك التي تميز علاقة روسيا ببلدان الإتحاد الأوروبي، التي يلعب فيها الغاز دورا مهما، كذلك الشأن بالنسبة لعلاقة الجزائر مع العديد من الشركاء التقليديين بالنسبة لها.

مشروع الغاز الضخم.. والمكاسب الأوروبية

 مما لاشك فيه أن مشروع مد أنبوب نقل الغاز الطبيعي من نيجيريا إلى المغرب، سيحقق تنمية اقتصادية سيستفيد منها أكثر من 300 مليون نسمة من سكان القارة السمراء؛ إلا أن وقعه على البلدين سيكون أكثر.

وفي هذا السياق، يرى الخبراء أن أولى الجهات استفادة من مشروع أنبوب الغاز هي نيجيريا، والتي على الرغم من أنها تعد من أغنى دول العالم بالمحروقات، فإن إنتاجها من الكهرباء قليل، ما يؤثر سلبا على تنافسية قطاعها الصناعي. وأوضحوا أن هذا المشروع يمكن أن يساعد نيجيريا في مواجهة التباطؤ الإقتصادي الذي تعاني منه بعد انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وفضلا عن ذلك يمكنها من مواجهة تعرض مناطق حقول النفط والغاز إلى هجمات جماعات مسلحة.

كما لفت الخبراء إلى أن هذا المشروع سيعطي المغرب أهمية استراتيجية من حيث أنها ستكون المحطة الأخيرة لنقل الغاز إلى أوروبا، إلى جانب أن توفر الغاز الطبيعي للمغرب يعني توافر المادة الأولية التي تدخل في العديد من الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية، خاصة تصنيع المخصبات الزراعية، التي تتميز المملكة فيها بتجربة رائدة عالميا.

من جهتها، ذكرت الشبكة الإعلامية الألمانية "دويتشه فيله"، أن مشروع أنبوب الغاز سيفتح الباب أمام المغرب للدخول بقوة إلى منطقة غرب إفريقيا. ونقلت عن عبد الخالق التهامي، أستاذ الإقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والإقتصاد التطبيقي في الرباط، قوله إن المغرب سيجني من خلال هذا المشروع العديد من المصالح، خاصة تنويع مصادر الطاقة.

ومن شأن امتداد خط أنبوب الغاز ليشمل دول الإتحاد الأوروبي أيضا، أن يكسر احتكار روسيا لتجارة الغاز مع أوروبا من جهة، بنسبة تصل إلى 80 في المائة من حاجيات الإتحاد عبر 13 أنبوبا، يتم توجيه 40 في المائة من واردات الغاز لأجل استغلالها في إنتاج الطاقة الكهربائية؛ ويخفض أسعار الغاز المورد لها من جهة أخرى بسبب توفر الغاز من أكثر من مصدر.

 على صعيد آخر، حظيت المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء بتأييد قوي من لدن غالبية الدول الأعضاء في لجنة ال24، الهيئة الفرعية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ والتي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي تفاوضي ونهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

وجدد سفراء وممثلو عدد من الدول التأكيد على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تشكل، في واقع الأمر، الحل التوافقي الذي كرست وجاهته وجديته ومصداقيته جميع قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2007. وأضافوا أن هذه المبادرة تتماشى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، مؤكدين على أنها تأخذ بعين الإعتبار خصوصيات المنطقة وتراعي منطق التوافق وتفي بأعلى المعايير الدولية في مجال نقل السلطات للسكان المحليين.

كما عبر السفراء كذلك، عن دعمهم للقرار الأخير 2414 لمجلس الأمن، الذي اعتمد في 27 أبريل 2018، والذي أكد بوضوح على ضرورة المضي قدما نحو حل سياسي وواقعي وعملي ومستدام لقضية الصحراء المغربية على أساس التوافق.

بدوره، أكد السفير عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، في تدخل له خلال الإجتماع ذاته، أن المغرب يظل متشبثا بالعملية السياسية الجارية تحت الإشراف الحصري للأمم المتحدة، وذلك على أساس قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2007، مشددا على أن القرار 2414 الأخير جدد التأكيد على وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وذي مصداقية لهذا النزاع الإقليمي.

وأوضح الدبلوماسي المغربي، أن قضية الصحراء المغربية هي قضية وحدة ترابية وليس "تصفية استعمار"، كما أن مجلس الأمن هو الآخر لا يعتبرها كذلك، بل نزاعا إقليميا يعالجه بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالتسوية السلمية للنزاعات. مشيرا إلى أن حل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، يجب أن يكون في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية والوطنية، وأن المسلسل يجب أن يشمل كافة الأطراف الحقيقية المعنية التي كانت لها يد في نشأة هذا النزاع، وذلك تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة وفقا لقرارات مجلس الأمن ودون أي تدخل من أي منظمة إقليمية أو دولية أخرى، مبرزا أن هذه العملية ينبغي أن تركز على الحل السياسي بعيدا عن كل القضايا الجانبية التي يتم إقحامها في المحادثات لجعل المسلسل يحيد عن أهدافه الرئيسية.

القرار الأوروبي يصعق الجبهة الإنفصالية

 بعد قرار المحكمة العدل الأوروبية المجحف في حق المغرب نهاية فبراير الماضي، والذي يسثتني الأقاليم الجنوبية للمملكة من اتفاق الصيد البحري الموقع مع الإتحاد الأوروبي، صادقت هيئة المفوضين لدى المفوضية الأوروبية خلال الشهر الجاري، عقب تلقيها الضوء الأخضر من المجلس الأوروبي؛ على تبادل الرسائل الذي يدمج الصحراء المغربية في الإتفاق الفلاحي المذكور، وهو ما يشكل ضربة قوية لجبهة "البوليساريو" الإنفصالية التي كانت تراهن على القرار الأول للإستمرار أكثر في "استفزازتها" بالمنطقة. مذكرة بأن المغرب شريك أساسي في الجوار الجنوبي، وتجمعه بالإتحاد علاقات متميزة يسعى إلى تعزيزها في مختلف المجالات.

وفي هذا الشأن، قال مصدر أوروبي ببروكسيل، إن الأمر يتعلق بخطوة هامة منذ انطلاق المفاوضات من أجل ملاءمة الإتفاق الفلاحي مع قرار محكمة العدل الأوروبية، مؤكدا على أن المنتوجات القادمة من جهة الصحراء سيتم إدماجها في الإتفاق بدون أية عراقيل. مشددا على أن المشاورات الشاملة التي جرت مع الممثلين المحليين، والمجتمع المدني ومختلف الهيئات والمنظمات المعنية، أسفرت عن دعم واسع لتأكيد إدماج منتوجات الأقاليم الجنوبية في الإتفاق، بالنظر للإمتيازات السوسيو اقتصادية بالنسبة للساكنة ولإقتصاد الجهة.

وتعليقا على هذا الموضوع، أوضح الخبير المغربي في القانون الدولي صبري الحو، أن الأوروبيين يراهنون على تسريع الإتفاق البحري والفلاحي من أجل درء وجود فراغ بين تاريخ انتهاء الإتفاقية في يوليوز المقبل وبين تاريخ استئنافها، مؤكدا أن الهدف من التسريع هو تفادي المنطقة الضبابية.

ولفت المحلل السياسي، إلى أن النقاش حول علاقة هذه الإتفاقية بحكم المحكمة الأوروبية بدأ منذ أن اتخذ هذا القرار، حيث إنه كان هناك إصرار مغربي على أن تشمل مضامينها النطاق الجغرافي على كل إقليم مغربي، وألا يكون هناك استثناء أو تمييز يمس الأقاليم الصحراوية المغربية. واستطرد ليس هناك أي عائق قانوني يمنع الإتحاد من تجديد الإتفاق البحري بينه وبين المغرب.

هذا وقد أثار القرار الأوروبي الجديد بخصوص اتفاق الصيد البحري الموقع بين المغرب والإتحاد، غضب جبهة "البوليساريو" الإنفصالية، التي اعتبرته "بالغ الخطورة" وأنه إرادة واضحة لوأد جهود المبعوث الأممي للصحراء هورست كوهلر.

وأدانت جبهة الوهم على لسان ممثلها في الإتحاد الأوروبي الإجراء المتخذ من قبل المفوضية الأوروبية، واصفة إياه ب"العمل بالغ الخطورة من اللصوصية" على المستوى الأوروبي، مبرزة أن تعديل اتفاق الشراكة بين الإتحاد الأوروبي والمغرب ليشمل "بشكل متعمد وواضح" الصحراء "يقوض" جهود المجتمع الدولي الساعي تسوية النزاع. مضيفة أن المصادقة على هذا الإتفاق قد "تضر بمصداقية الإتحاد الأوروبي ومؤسساته" وتشكل "إهانة" للعدالة الأوروبية حسب تعبيرها.

من جانبه، أكد منسق الجبهة مع بعثة الأمم المتحدة حول الصحراء "المينورسو"، أن "جبهة البوليساريو لم يبق أمامها من خيار إلا إخطار الجهات القضائية الأوروبية مجددا لطلب إلغاء المفاوضات الجارية". مشيرا إلى أن قراري محكمة العدل الأوروبية الصادرين في 21 دجنبر 2016 و27 فبراير 2018 يناقضان ذلك. على حد قوله.

 "الأعداء" وجها لوجه في قمة تاريخية

 لا يخفى على أحد بأن التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظيرتها كوريا الشمالية مستمرة منذ الأزل، وقد ازدادت حدتها أكثر مع تولي دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض، وتكثيف بلاد كيم جونغ أون لبرامجها النووية وإطلاقها للصواريخ الباليستية في تحد صارخ لقرارات المجتمع الدولي؛ وهو ما جعل العلاقات بين البلدين تعيش حالة شد وجذب وتبادل للإتهامات والتهديدات وصلت إلى حد التنبؤ باندلاع "حرب عالمية ثالثة" بين أكبر قوتين نوويتين، إلى أن جاءت قمة سنغافورة التاريخية التي أخمدت بوادرها.

وفي اجتماعهما الأول من نوعه، سعى كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لإعطاء انطباع بالإمساك بزمام الأمور، إلا أن قدرا من التوتر بدا عليهما، قبل أن يختتماها بتوقيع وثيقة وصفت ب"الشاملة". وبعد انتهاء القمة التاريخية أعلن الجانبان أنهما مستعدان لتجاوز جميع العقوبات والعمل معا لحل مسألة نزع السلاح في شبه الجزيرة الكورية.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن القمة التاريخية التي جمعته بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ساهمت في تجنيب العالم "كارثة نووية"، مؤكدا أن نزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية سيبدأ "سريعا جدا".

وأضاف ترامب، أن العلاقات مع كوريا الشمالية ستكون مختلفة بشكل كبير عما كانت عليه في السابق، مشددا على أن القمة نجحت وسترضي الطرفين وستسعد الجميع. داعيا نظيره الكوري الشمالي لزيارة البيت الأبيض.

من جهته، تعهد الزعيم الكوري الشمالي بطي صفحة الماضي، وقال "سوف نواجه تحديات". وتابع قائلا "تغلبنا على كل الشكوك والتكهنات حول هذه القمة، وأعتقد أن هذه مقدمة جيدة للسلام".

وأظهر استطلاع للرأي انقسام الأمريكيين تجاه القمة التاريخية التي جمعت الزعيمين، فمنهم من اعتقد أنه من المبكر الحكم على نتائج قمة سنغافورة لأي من الطرفين، ومنهم من رأى أن القمة كانت ناجحة للولايات المتحدة، فيما اعتبر البعض الآخر أنها شكلت نجاحا بالنسبة لكوريا الشمالية.

في حين يرى محللون ومراقبون دوليون، أن هذه القمة مفيدة للجانبين خاصة وأنها ستساعد كوريا الشمالية، التي تعاني من العقوبات الإقتصادية والعزلة السياسية، على العودة مرة أخرى إلى أحضان المجتمع الدولي، موضحين أن كيم جونغ أون، تمكن من خلالها تحقيق حلم والده وجده بإقامة علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما يتيح إمكانية تطبيع العلاقات مع باقي دول العالم.


إقــــرأ المزيد

تابعونا على فيسبوك