X

تابعونا على فيسبوك

رسالة للمشاركين في اجتماع مراكش.. جلالة الملك يدعو لتعاون دولي من أجل أفريقيا

الثلاثاء 05 يوليو 2022 - 11:08
رسالة للمشاركين في اجتماع مراكش.. جلالة الملك يدعو لتعاون دولي من أجل أفريقيا

وجه جلالة الملك محمد السادس، رسالة إلى المشاركين في أشغال اجتماع التجمع الأفريقي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية للدول الأفريقية الأعضاء في البنك وصندوق النقد الدوليين الذي افتتحت أشغاله يومه الثلاثاء 05 يوليوز الجاري بمراكش، تلتها وزيرة الإقتصاد والمالية "نادية فتاح العلوي".

وأكد جلالة الملك، أنه في الوقت الذي كان فيه العالم يتأهب لتجاوز تداعيات جائحة "كوفيد-19"، دخل الإقتصاد العالمي في اضطرابات غير مسبوقة في سلاسل التوريد، وتزايد الضغوط التضخمية، مع ارتفاع قياسي في أسعار الطاقة والمواد الغذائية والمواد الخام. مما لهذه الإضطرابات من عواقب اجتماعية وخيمة. وتتفاوت آثار هذه الأزمة بالنسبة للبلدان الأفريقية، كل حسب طبيعة إمكاناته الإقتصادية واحتياجاته الى المواد الأولية، لا سيما منها الطاقية أو الغذائية. وفي ظل هذه الظرفية الصعبة، تبرز قارتنا الأفريقية كإحدى المناطق الأكثر تضررا، سواء بسبب التهديد المتزايد لأمنها الطاقي والغذائي، أو لتراجع مستويات نموها الإقتصادي، علاوة عن تفاقم الأوضاع الإجتماعية في العديد من بلدانها.

كما أن ارتفاع احتياجات التمويل، في سياق يتسم بندرة وتشديد شروط التمويلات الميسرة، يؤدي إلى ارتفاع خدمة الديون بشكل حاد، مما يزيد من تأزيم الأوضاع الإقتصادية لعدد كبير من بلدان القارة. ومن هذا المنطلق، تغدو الحاجة ملحة، أكثر من أي وقت مضى، إلى المزيد من الدعم والتعاون الدولي، لتمكين الدول الأفريقية من تخفيف تداعيات الدوامة التضخمية التي دخلها الإقتصاد العالمي، وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الصدمات الخارجية.

وأشار جلالته، إلى أن العديد من اقتصادات بلدان القارة تتسم بضعف تنوعها، واعتمادها بشكل كبير على صادرات المواد الأولية، مع ارتهان قطاعاتها الفلاحية أساسا بالتقلبات المناخية، إضافة إلى ضعف الإستفادة من ثروتها الديمغرافية الهائلة. لذا، بات من الضروري تكثيف الجهود لمعالجة الإختلالات ومكامن القصور، من خلال وضع برامج تنموية شاملة، بأهداف واضحة وآليات تمويل مبتكرة، تضع المواطن الأفريقي في صلب اهتماماتها، وتعتمد، بشكل أساسي، على استثمار فرص التكامل الإقتصادي بين البلدان الأفريقية، والإنخراط بشكل فاعل في دينامية التحول الرقمي والإنتقال الطاقي التي يعرفها العالم اليوم. وأبرز أن انعقاد التجمع الأفريقي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، في هذه الظرفية الإستثنائية يشكل فرصة مناسبة لتدارس التحديات التي تواجهها بلداننا الأفريقية، وتبادل الآراء حول السبل الكفيلة بمواجهتها.

وسجل أنه يمكن لمؤسسات "بريتون وودز"، بالتعاون مع بقية المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، أن تقدم حلولا تقنية وصيغا تمويلية ملائمة لتحسين وضعية المديونية في الدول الأفريقية، خصوصا منها الدول الأقل دخلا. لكن هذه الحلول التمويلية تبقى ذات طابع ظرفي، بالنظر لحجم الفجوة التمويلية الهائلة التي تعاني منها بلدان القارة وهي تواجه حاجيات تمويلية ضخمة تقدر بمئات مليارات الدولارات سنويا. ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية تطوير خيارات تمويلية إضافية ذات طابع بنيوي، تقوم أساسا على تعبئة المزيد من الموارد المحلية، من خلال إصلاحات هيكلية ترفع من مردودية الأنظمة الجبائية، ومن نجاعة الإنفاق العمومي، وجاذبية الإستثمارات الخارجية، إضافة إلى تطوير آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ومن جهة أخرى، يبرز مشكل التغير المناخي أيضا كأحد التحديات الأكثر إلحاحا التي تواجهها قارتنا، بالنظر لعواقبه الخطيرة وطويلة الأمد على مختلف أوجه الحياة في بلداننا.

وأضافت الرسالة الملكية، أنه وبموازاة ذلك، تبقى دولنا الأفريقية مطالبة بإعادة توجيه نماذجها التنموية نحو أنماط إنتاجية واستهلاكية أكثر استدامة، تأخذ بعين الإعتبار الإكراهات التي يفرضها التغير المناخي، سواء على مستوى حجم الموارد الطبيعية المتاحة، أو طبيعة الخيارات الإقتصادية المتبعة. ونبهت إلى أن التعاون جنوب-جنوب يظل الطريق الأمثل للنهوض بالأوضاع الإقتصادية لبلدان القارة. وللمغرب قناعات ثابتة وإنجازات هامة في هذا السياق، من خلال الإلتزام المستمر والمشاريع المهيكلة، على غرار مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي يتوقع أن يساهم بشكل جذري في تعزيز الأمن الطاقي لعدد كبير من البلدان الأفريقية.

كما يشكل التقدم المحرز على مستوى أجرأة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (ZLECAF)، بالرغم من التحديات المرتبطة بالأزمة الحالية، دليلا إضافيا على قدرة قارتنا على تعزيز تكاملها الإقتصادي وفق رؤية مشتركة. حيث سيمكن تفعيل هذه المنطقة في أقرب الآجال، من تسريع اندماج الإقتصادات الأفريقية فيما بينها، وفي سلاسل القيمة العالمية، وكذا تكريس التعاون التجاري والإقتصادي جنوب-جنوب الذي نطمح إليه جميعا. وبموازاة ذلك، لا يسعنا هنا إلا أن نجدد الدعوة أيضا لشركائنا، سواء على الصعيد الثنائي أو متعدد الأطراف، لمواكبة جهود التنمية المبذولة من قبل دول قارتنا، في إطار شراكة استراتيجية رابح-رابح، توفر للدول الأفريقية الموارد الكافية للنهوض بأعباء التنمية المستدامة، وتوفير سبل العيش الكريم والآمن لمختلف شعوبها.


إقــــرأ المزيد