X

تابعونا على فيسبوك

"إعلان مراكش".. الدعوة إلى تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان

الجمعة 16 يونيو 2023 - 07:43

في "إعلان مراكش" الذي توج أشغال المؤتمر البرلماني حول "الحوار بين الأديان"، المنظم من 13 إلى 15 يونيو الجاري، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، دعا المشاركون إلى اعتماد مدونات سلوك برلمانية على المستوى العالمي بما ييسر احترام الديانات والمعتقدات ويقي من خطابات الحقد.

وأكد البرلمانيون المشاركون في هذا المؤتمر، أن حوار الأديان المبني على تعزيز الحريات والحقوق الأساسية، يعتبر وسيلة أساسية من أجل تعزيز الإدماج وتكريس دولة القانون وتشجيع الجهود المشتركة الهادفة إلى تطوير المجتمعات. وشددوا على أن من واجبهم، كمشرعين إزاء الدول والشعوب، أن يخلقوا الظروف المادية التي تيسر حياة سليمة وسعيدة بالنسبة للجميع. وأضافوا "ويتعين علينا كفالة احترام دولة القانون وجميع الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية، من قبيل حرية التفكير، وحرية الرأي وحرية التدين والمعتقد، وحرية التعبير والتجمع. ويتعين علينا أيضا الحرص على أن يتمتع الجميع بهذه الحقوق والحريات دون تمييز".

وتابع الإعلان، أنه يتعين على البرلمانيين مواجهة تناسل وتصاعد النزاعات المسلحة، والتوترات الجيوسياسية وتدهور البيئة، وهي عوامل تعمق اللامساواة وعدم الإستقرار الإقتصادي والأزمات الإنسانية القائمة. وسجل أن النساء هن من يعانين من تبعات النزعات في العالم، في المقام الأول، علما بأنهن يواجهن أصلا صعوبات في التمتع بمجموع حقوقهن المدنية على قدم المساواة مع الرجال، ويعانين من مختلف أشكال التمييز والعنف المبني على الجنس، وأحيانا باسم الدين أو المعتقد، مشيرا إلى أن الشباب، الذي يعتبر الفئة السكانية الآخذة في الإتساع، يجد صعوبات كبيرة في إسماع صوتهم إلى العالم، مردفا "وإذا كان يتعين عدم تعريض أي ديانة أو عقيدة للتمييز أو التهميش من جانب أي مجموعة، فإنه يتعين على الجميع عدم تزكية العنف اتجاه أي مجموعة أخرى".

وشدد المشاركون، على أهمية الإعتدال في تسوية النزاعات المرتبطة بالدين أو العقيدة وعلى الدور الحاسم للآليات والمؤسسات المسخرة لتسوية النزاعات، معربين عن انشغالهم بما يلاحظ في عدد من المجتمعات وداخل عدد من المجموعات في العالم بأكمله، من تراجع عام للديموقراطية وتبدد لقيم التضامن وللمبادئ الأخلاقية في السياسة وداخل المجتمعات عامة. ويتطلب حل هذه المشاكل، عملا ملموسا وحاسما من جانب البرلمانيين في العالم، بسلطاتهم التشريعية، وكذا مجموع الفاعلين في المجتمع، بما في ذلك المؤسسات الرسمية والمجموعات الدينية والعقدية والمنظمات الدينية وهيئات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية. وفي فترات الأزمة واللايقين، نحن مطالبون، خاصة، بتجسيد روح القيادة القوية من أجل توحيد الناس حول رؤية مشتركة من أجل المستقبل.

وأكدوا على ضرورة إرساء عقد اجتماعي يعزز الكرامة المشتركة، والإخاء والمساواة بين جميع الأشخاص، مؤكدين أيضا تشجيعهم ثقافة الحوار داخل البرلمانات باعتبارها مؤسسات لنشر السلام والإدماج، وكذلك التزامهم باعتماد سلوكات تحترم جميع الأشخاص وإلى تجنب خطابات التفرقة على أساس الديانات والمعتقدات وتوظيفها من أجل أهداف سياسية. واعتبروا أن العديد من مبادرات المجموعات الدينية والعقدية التي تعمل من أجل النهوض بالتعايش السلمي والمساواة في الحقوق بين جميع الشعوب، نماذج يحتدى بها. ودعوا بالمناسبة جميع البرلمانات الوطنية إلى الإلتزام بمواصلة العمل من أجل تحقيق الحرص على أن تتمتع جميع الديانات والمعتقدات والمنظمات الدينية بمعاملة منصفة بعيدا عن أي تمييز أمام القانون، مع إشراك ممثلي الأديان والمعتقدات والمنظمات الدينية، إلى جانب ممثلي المجتمع المدني، في الجهود المبذولة التي تتوخى تنفيذ القوانين الوطنية والإلتزامات الدولية، وتعزيز التماسك الإجتماعي وذلك مع أخذ التنوع بعين الإعتبار.

وأيضا، إرساء حوار مع القادة والمجموعات الدينية بهدف المساهمة في تعزيز التضامن ورفع تحديات العصر الكبرى من قبيل الفقر والفوارق، والاختلالات المناخية والنزاعات والحروب، والإدمان، وأنماط الاستهلاك المفرط، والتكنولوجيات الرقمية بما في ذلك الاستعمالات السلبية للذكاء الاصطناعي، وتشكيل مجموعات عمل أو لجان برلمانية على مستوى البرلمانات الوطنية تهتم بالحوار بين الأديان وبين الثقافات من أجل التعايش السلمي والإدماج الإجتماعي وتيسير التعاون بين هذه المجموعات أو اللجان. كما دعوا إلى الترافع من أجل تربية وتوعية الأفراد بقيم الإحترام والتفاهم بين الأشخاص والمجموعات مهما تكن دياناتهم ومعتقداتهم، وعلى أساس احترام كرامة الجميع، ومناهضة خطابات الحقد والإزدراء بالأشخاص بسبب انتمائهم لديانة أو عقيدة بعينها والتصدي بحزم للمعاملات التمييزية بما في ذلك من خلال مبادرات تشريعية، وتشجيع الإتحاد البرلماني الدولي على رصد الممارسات البرلمانية الفضلى الهادفة إلى دعم التعددية والتسامح والحوار، مع الحرص على احترام حقوق المواطنة ودولة القانون والتوجه باقتراحات في هذا المجال إلى البرلمانات الوطنية.

وأشار "إعلان مراكش"، إلى تشجيع القادة الدينيين على النهوض بالإدماج والحقوق الأساسية والمساواة بين الجنسين داخل مجموعاتهم، وذلك وفق التشريع الوطني لكل بلد، ومع مراعاة الإلتزامات الدولية، وتعزيز التعاون والتواصل مع منظمة الأمم المتحدة، وباقي المنظمات الدولية والمجتمع المدني، واستشراف إمكانية اعتماد استراتيجيات وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بحوار الأديان والثقافات بهدف استدراك العجز المسجل في التنفيذ على المستويات الوطنية، والحرص على أن تعكس أيام العطل الممنوحة بمناسبة أعياد دينية أو أحداث رسمية أخرى تخلد لأحداث هامة بالنسبة لديانة ما أو مجموعة عقدية، التعددية الدينية وتعددية المعتقدات في البلد. ودعا كذلك إلى إحداث آلية مؤسساتية في إطار الإتحاد البرلماني الدولي ترتكز على نتائج هذا المؤتمر بهدف دراسة الممارسات الفضلى ومتابعة ورصد المستجدات وتقديم اقتراحات في مجال حوار الأديان. ويعهد إلى هذه الآلية بمتابعة إدماج رؤية البرلمانيين وممثلي الديانات والمعتقدات وممثلي المجتمع المدني في ما يرجع إلى حوار الأديان.

وعبر المشاركون في المؤتمر، عن شكرهم، برلمان المملكة المغربية على احتضانه لهذا التجمع الفريد من نوعه، معربين كذلك عن شكرهم وعرفانهم لجلالة الملك محمد السادس، على رعايته السامية للمؤتمر، داعين جميع المشاركين إلى العمل على النحو الذي يشجع مجتمعاتهم على أن تستلهم من روح التضامن والحوار التي سادت مجموع أيام هذا المؤتمر المنعقد بمراكش.


إقــــرأ المزيد