X

تابعونا على فيسبوك

1 ماي: اليوم العالمي للشغل

الخميس 02 ماي 2024 - 10:00
1 ماي: اليوم العالمي للشغل

الاحتفال بعيد الشغل - اليوم العالمي للعمال

الأول من ماي، المعروف باسم عيد العمال٬ عيد الشغل أو اليوم العالمي للعمال، يعود أصله إلى نضالات حركة العمال في الولايات المتحدة في نهاية القرن التاسع عشر لتحقيق يوم عمل مدته ثماني ساعات. قررت النقابات الأمريكية خلال مؤتمرها عام 1884 أن تفرض على أرباب العمل تحديد يوم العمل بثماني ساعات ومنحت نفسها مهلة عامين لإجبار أصحاب العمل على ذلك.

كان الإضراب العام في الأول من ماي عام 1886 بمشاركة حوالي 340,000 عامل. اختاروا أن يبدأوا حملتهم في الأول من ماي، وهو تاريخ يوم الانتقال (moving day)، لأن العديد من الشركات الأمريكية تبدأ عامها المالي في ذلك اليوم، وتنتهي العقود في نفس اليوم، مما يتطلب من العمال الانتقال لإيجاد عمل جديد. في شيكاغو، تحولت إضرابات العمال إلى مظاهرات عنيفة في 3 ماي، وقد أسفرت عن مقتل 3 من العمال. وفي اليوم التالي، وقعت مواجهات أخرى أدت إلى مقتل عدة شرطيين بعد انفجار قنبلة. الأحداث أدت إلى محاكمة وإعدام أربعة من قادة نقابيين رغم قلة الأدلة.

في عام 1889، اجتمعت الأممية الاشتراكية الثانية في باريس، بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الفرنسية والمعرض العالمي. بقيادة جول جيسد (Jules Guesde) ومنظمته السياسية حزب العمّال وعلى اقتراح من ريموند لافين (Raymond Lavigne)، قررت هذه الأممية في 20 يوليو من العام نفسه جعل كل أول ماي يومًا للتظاهر بهدف تقليل ساعات العمل إلى ثماني ساعات (أي 48 ساعة أسبوعيًا، ويوم الأحد فقط هو يوم راحة).

في الأول من ماي 1890، تم الاحتفال بالحدث في معظم البلدان، بمشاركة متنوعة.

في الأول من ماي 1891، في فورمي (Fourmies)، شمال فرنسا، تحولت المظاهرة إلى مأساة: أطلق الجيش النار على العمال وقتل 9 منهم. مع هذه الدراما الجديدة، أصبح الأول من ماي جزءًا من تقليد نضال العمال الأوروبيين. يثبت الناشطون زهرة الورد الأحمر ( ورد ياقوتي Rosa rubiginosa)، الزهرة التقليدية لشمال فرنسا ، لتذكر الدم المراق. وبعد بضعة أشهر، في بروكسل، جددت الأممية الاشتراكية الطابع المطلبي والدولي للأول من ماي.

في أمريكا الشمالية

في صيف عام ٬1885 اتخذ اتحاد العمل المركزي (Central Labor Union)٬ المؤسس في نيويورك في مارس 1882، قرار تحويل الأول من ماي في الولايات المتحدة إلى الاثنين الأول من سبتمبر. بينما كانت منظمات نقابية أخرى قد صوتت واعتمدت اقتراحًا يهدف إلى تكريم الأول من ماي 1886.

في 11 ماي 1894، احتج عمال الشركة السككية بولمان بالاس كار (Pullman Palace Car Company) في شيكاغو على خفض الأجور وفصل ممثلي النقابات.. في 26 من يونيو، دعى الاتحاد الأمريكي للسكك الحديدية إلى مقاطعة جميع عربات سكك حديد بولمان. في الأيام التالية، التزم 50 ألف عامل بالسكك الحديدية بهذه التوجيهات وتوقفت حركة القطارات في شيكاغو. في 4 من يوليو، أرسل الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند (Grover Cleveland) 12 ألف جندي لكسر الحركة، مما أدى إلى أعمال شغب واشتباكات عنيفة. قُتل رجلان خلال هذه الاشتباكات، بالقرب من شيكاغو. أُعلن انتهاء الإضراب في 3 غشت 1894، وتعهد عمال بولمان حتى بعدم الانضمام إلى نقابات مرة أخرى. نظرًا للقسوة التي أظهرها، أثار الأمر تعاطفا كبيرا، ونجحت مركزية واشنطن في إقرار اقتراح يوم عطلة الاثنين الأول من شتنبر لتكريم العمال. بعد ستة أيام فقط من تدخل الجيش٬ وقع الرئيس القانون رسميًا لإنشاء عيد يوم الشغل على أمل إعادة انتخابه في نفس العام، لكن أمله كان دون جدوى.

في في الولايات المتحدة ، يوجد تمييز بين عيد الشغل وعيد العمال. "يوم الشغل" (Labor Day) لا يرتبط مباشرةً بالأحداث المعروفة التي وقعت في ماي 1886 في شيكاغو والمعروفة ب حادثة هايماركت. يتم الاحتفال بيوم الشغل في الاثنين الأول من سبتمبر، وهو يوم عطلة رسمية يشير تقليدياً إلى العودة للمدرسة أو الأنشطة الفنية بعد عطلة الصيف. لم يعد لهذا اليوم دلالة سياسية مميزة. أما عيد العمال، فيُحتفل به في الأول من ماي. هذا اليوم ليس يوم عطلة، لكنه يُحتفل به على نطاق واسع من قبل النقابات والأحزاب والمجموعات والمنظمات اليسارية؛ ويُنظر إليه كيوم للاحتفال بالطبقة العاملة.

في كندا، يُحتفل بعيد العمل في الاثنين الأول من سبتمبر منذ عام 1894. في كيبيك، تقوم النقابات الكبرى وبعض الأحزاب والمنظمات اليسارية بالتظاهر في الأول من ماي. مؤخرًا، أصبحت المؤسسات النقابية في كيبيك تميل إلى الاحتفال بعيد العمال من خلال تنظيم تجمعات احتفالية في السبت أو الأحد الذي يسبق أو يلي الأول من ماي، بدلاً من الاحتفال في اليوم نفسه إذا وافق يوم عمل.

الانتشار العالمي لعيد العمال

إثر هذه الأحداث، ترسخ عيد الشغل في الأول من ماي وتحول إلى رمز عالمي للكفاح من أجل حقوق العمال. تطوره خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين يعكس تغيرات كبيرة في النظرة العالمية نحو حقوق العمال حيث تبنت دول كثيرة هذا اليوم رسمياً للتظاهر والمطالبة بتحسين ظروف العمل، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية حيث ركز العمال في أوروبا على إعادة البناء والتعافي الاقتصادي، وفي الستينيات والسبعينيات ظهرت حركات عمالية جديدة تطالب بحقوق مدنية واجتماعية موسعة، مع ذلك الأمم المتحدة لم تتخذ قرارات محددة تخص الأول من ماي مباشرةً لكنها تبنت العديد من الإعلانات والمعاهدات التي تعزز حقوق العمال كإعلان حقوق الإنسان في 1948، ومع تزايد العولمة في القرن الحادي والعشرين استخدم العمال هذا اليوم للتعبير عن قلقهم بشأن الوظائف المهاجرة وتأثير الشركات متعددة الجنسيات، وخلال الأزمات الاقتصادية كأزمة 2008 وجائحة كوفيد-19 التي أدت إلى إلغاء أو تعديل الاحتفالات استخدم العمال منصات رقمية لإحياء هذا اليوم الذي يظل يومًا حيويًا للتعبير عن القضايا العمالية ويتطور مع تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية العالمية.

عيد العمال يظل، حتى اليوم، يومًا حيويًا لتسليط الضوء على القضايا العمالية المعاصرة مثل الأمان الوظيفي، العدالة في الأجور، وتحسين ظروف العمل. يستمر اليوم في كونه رمزًا للنضال من أجل حقوق العمال وللدفاع عن مصالحهم في مواجهة التحديات المتزايدة في سوق العمل العالمي.

عيد الشغل (العمل) أم عيد العمال؟

يُطرح السؤال حول ما إذا كان الأول من ماي هو "عيد الشغل" أم "عيد العمال"، وهو ينطوي على تمييز دقيق لكنه جوهري في التفكير حول العمل والعمال. يمكن القول إن "عيد العمل" يُشير إلى الاحتفاء بالعمل كفعالية إنسانية واجتماعية، بينما "عيد العمال" يركز بشكل أكبر على الاحتفال بالأفراد الذين يقومون بهذا العمل.

"عيد العمل" يمكن فهمه كتقدير للعمل نفسه كمكون أساسي للحضارة الإنسانية. العمل هو الوسيلة التي من خلالها يعبر الإنسان عن ذاته ويساهم في تطوير المجتمع وبناء الحضارة. هذا المفهوم يرتبط بالأفكار الفلسفية التي تنظر إلى العمل كأداة للتحرر والإبداع الإنساني.

من ناحية أخرى، "عيد العمال" يُعطي أهمية أكبر للأشخاص الذين يؤدون العمل. هذا اليوم يُبرز الاعتراف بجهود وتضحيات العمال، ويُعتبر تذكيرًا بالنضالات التي خاضوها من أجل الحقوق العمالية وتحسين ظروف العمل. إنه يُسلط الضوء على البعد الإنساني والاجتماعي للعمل، ويشدد على ضرورة تقدير العمال كأفراد يستحقون العدالة والاحترام.

من الناحية الفكرية، لا يمكن فصل العمل عن العمال، فالعمل دون العمال ليس إلا نشاطًا خاليًا من القيمة الإنسانية. لذا، يجب أن يُنظر إلى الأول من ماي كفرصة للتفكير في كيفية تحقيق التوازن بين تقدير العمل كفعالية وتقدير العمال كمحور أساسي لهذه الفعالية. هو يوم لتأكيد كرامة العمل وكرامة العمال معًا، ولتعزيز فهم أعمق للعلاقة بين الإنسان وعمله.

الاحتفال بعيد الشغل في المغرب

في المغرب، يُعتبر الأول من ماي يومًا هامًا يُعبر فيه العمال عن مطالبهم ويحتفلون بإنجازاتهم. هذا اليوم له جذور تاريخية عميقة تعود إلى بدايات الحركة النقابية في المغرب خلال فترة الحماية الفرنسية. تأسست أولى النقابات العمالية المغربية في أوائل القرن العشرين (الجمعية العامة في ماي 1919 ٬ ودادية التعليم الابتدائي بالمغرب 1920-1922...)، لكن الاعتراف بها وبنضالاتها لم يتحقق إلا بعد سنوات من الكفاح.

بعد الاستقلال في عام 1956، شهدت الحركة العمالية المغربية نموًا ملحوظًا، حيث أصبح الأول من ماي مناسبة رسمية للدفاع عن حقوق العمال وتحسين ظروف عملهم. خلال العقود التالية. استخدمت النقابات هذا اليوم لتنظيم مسيرات وإضرابات ضخمة تُظهر قوة الطبقة العاملة وتُلفت الانتباه إلى مطالبها المتجددة. ويناهز عدد النقابات العمالية في المغرب 26 نقابة، ويبقى أبرزها: الإتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب.

رغم المعوقات السياسية والاقتصادية، استطاعت النقابات المغربية تحقيق عدة إنجازات مهمة، بما في ذلك تحسين الأجور وظروف العمل والأمان الوظيفي للعمال. كما لعبت دورًا بارزًا في الدفع نحو تشريعات تحمي حقوق العمال وتعزز العدالة الاجتماعية.

1 ماي اليوم

يظل الأول من ماي يومًا حيويًا يعكس النضال المستمر للطبقة العاملة في المغرب. يُعتبر هذا اليوم فرصة للتفكير في التقدم الذي تم إحرازه والتحديات التي لا تزال قائمة. ومع استمرار التغييرات الاقتصادية والاجتماعية، يُشكل الأول من ماي منصة للعمال للمطالبة بمزيد من التحسينات وضمان أن تكون مكاسبهم جزءًا لا يتجزأ من نمو المغرب وتطوره.

الحكومة الحالية في المغرب، بقيادة السيد عزيز أخنوش، أولت اهتماماً خاصاً لتعزيز الحوار الاجتماعي كجزء لا يتجزأ من سياستها العامة، وذلك بهدف دعم وترسيخ الرؤية الجديدة لجلالة الملك حول الدولة الاجتماعية. تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لتحقيق التحولات الكبرى المطلوبة لإقامة دولة اجتماعية تلبي طموحات المواطنين وتحسن من نوعية حياتهم.

من خلال تفعيل الحوار الاجتماعي، تسعى الحكومة إلى إقامة جسور التواصل الفعّال بين العمال وأصحاب العمل والحكومة نفسها، مما يضمن تحقيق التوازن بين مختلف المصالح ويعزز من قدرة البلاد على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. تشمل هذه العملية تحديث القوانين، تحسين ظروف العمل، وضمان تقديم الحقوق الكاملة لكل فئات العمال، مما يعكس التزام المغرب بتحقيق أهداف التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.

هذا النهج الشمولي يمثل لبنة أساسية في بناء الدولة الاجتماعية التي توفر لمواطنيها الأمن الاجتماعي والرفاهية الاقتصادية، ويُعد تأكيداً على أن الأول من ماي يمكن أن يتحول من مجرد يوم للمطالبة بالحقوق إلى يوم يحتفل بالإنجازات ويستشرف مستقبل العمل في إطار الدولة الاجتماعية الجديدة. من خلال هذا الحوار، تتعهد الحكومة بأن تكون كل تحسينات العمل والتوظيف جزءاً من رؤية مستدامة تضمن لكل مواطن العيش الكريم ضمن مجتمع يزخر بالفرص المتكافئة والعدالة للجميع.

أشرف رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، يومه الاثنين 29 أبريل 2024 بالرباط، على توقيع اتفاق جولة أبريل 2024 ببن الحكومة من جهة، والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية من جهة أخرى. اتخذت إثره الحكومة المغربية خطوات هامة لتحسين وضع العمال عبر المملكة. تشمل هذه المبادرات زيادة عامة في الرواتب بقيمة 1000 درهم لموظفي القطاع العام، وتخفيض في ضريبة الدخل يمكن أن يصل إلى 400 درهم للفئات ذات الدخل المتوسط، بالإضافة إلى زيادات كبيرة في الحد الأدنى للأجور (SMIG) والحد الأدنى الزراعي (SMAG)، بنسبة 20% و25% على التوالي منذ تولي هذه الحكومة.

تحديات فاتح ماي

تحسين ظروف العمل وحقوق العمال

  • إصلاح التشريعات العمالية: يجب على الحكومة المغربية مراجعة وتحديث قوانين العمل لضمان توفير حماية أفضل للعمال، بما في ذلك تعزيز الأمان الوظيفي وتحسين ظروف العمل.
  • دعم النقابات العمالية: تعزيز قدرات النقابات لتمكينها من تمثيل العمال بفعالية أكبر والدفاع عن حقوقهم بشكل أكثر فعالية. تفعيل قانون اللضراب.

تعزيز التنمية الاقتصادية

  • تشجيع الاستثمار في التكنولوجيا: تحفيز الاستثمار في القطاعات التكنولوجية والرقمية لخلق فرص عمل جديدة ودعم التحول الاقتصادي نحو الاقتصاد المعرفي.
  • تنمية المهارات: إطلاق برامج لتنمية المهارات تركز على القطاعات المستقبلية مثل الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات لتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي.

العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة

  • تحسين نظام الضمان الاجتماعي: توسيع نطاق نظام الضمان الاجتماعي ليشمل جميع العمال، بما في ذلك العمال غير المهيكلين والموسميين، وضمان توفير الحماية الاجتماعية للجميع.
  • مشاريع البنية التحتية الخضراء: تطوير مشاريع بنية تحتية تعتمد على معايير الاستدامة، مثل تحسين شبكات المواصلات العامة وتعزيز استخدام الطاقة النظيفة.

تعزيز المشاركة المجتمعية

  • مبادرات المجتمع المدني: دعم وتشجيع المبادرات التي تقودها المجتمعات المحلية لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، مثل برامج التعليم والتدريب المهني المحلية.
  • تعزيز الشفافية والمساءلة: تطوير آليات لضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة وتنفيذ المشاريع الحكومية لزيادة ثقة المواطنين في الحكومة.

تحفيز النقاش البنّاء

في ضوء ما تم طرحه من تحديات أوحلول مقترحة، يبرز دور كل مواطن مغربي في تشكيل مستقبل اقتصادي مزدهر ينعكس إيجابًا على التطور الاجتماعي والثقافي للبلاد. الآن، يتوجب علينا جميعًا التفكير في كيفية المساهمة بشكل فعّال في هذه العملية التحولية. إن التحديات التي تواجهنا تتطلب تضافر الجهود والتزامًا جماعيًا لاستكشاف طرق جديدة للتنمية وتحسين الجودة العامة للحياة في المغرب.

ندعوا إلى المشاركة في هذا الحوار المفتوح والبنّاء. ما هي الأفكار التي يمكننا إضافتها؟ كيف يمكن للمجتمع المدني، القطاع الخاص، والفعاليات المحلية أن تعمل معًا لتحقيق هذه الأهداف؟

هذه دعوة لكل فرد في المغرب ليكون جزءًا من هذا النقاش الهام، ليس فقط للتأثير في السياسات الاقتصادية ولكن أيضًا للإسهام في تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية التي تجعل مجتمعنا أكثر تماسكًا وقوة. الوقت قد حان لننتج جميعًا مستقبل مشرق يليق بالمغرب وشعبه.


إقــــرأ المزيد